بحـث
المواضيع الأخيرة
مفاتيح القلوب
صفحة 1 من اصل 1
مفاتيح القلوب
المفتاح الأول : الابتسامة وطلاقة الوجه
ولا شك أن الابتسامة لها أثرها العظيم، والابتسامة التي نريدها هي ابتسامة المشاعر الصادقة، والمحبة الخالصة، وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يبين أثر الابتسامة وأهميتها، فقد قال صلى الله عليه وسلَّم: (تبسُّمُك في وجه أخيك لك صدقةٌ) رواه الترمذي، والابتسامة لها أثرها القلبي والنفسي في تقارب القلوب وتآلف النفوس؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في شأن النفوس: (لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ) رواه مسلم.. وطلق، أي متهلل بالابتسامة ودلائل الفرح والسرور، وهذا أيضًا يدل على أن هذه الابتسامة معروف يُبذل، وأن هذه الابتسامة ليست شيئًا هينًا، فهي من المعروف اليسير الذي له أثر بإذن الله كبير .
إعلانات روحية مبوَّبة:
- الإعلان الأول : هذه الابتسامة كأنها نوع من إعلان القبول والرضا بلقاء هذا الذي تبسمت في وجهه .
- الإعلان الثاني : هي إظهار للمحبة والمودة .
- الإعلان الثالث: هي دعوة للمزيد، فإنك إذا تبسمت في وجهه أقبل عليك وسلم وصافح، وعانق وكان ضيفًا عليك، أو دعوته للزيارة، لكن إذا رآك من أول الأمر عابس الوجه قال: الكتاب من عنوانه هذا؛ كأنك تقول له: لا تتقدم، ولا تأتي، ولا تتكلم، وليس لك عندنا مقام ولا رغبة، ولا أي وجه من وجوه الاستقبال، أو الإحسان.
ولذلك ترى دائمًا بعض الناس إذا كان من طبعه عدم التبسم ودوام التجهم أن الناس ينفرون منه، وقل أن تجد له صديقًا أو رفيقًا، فإذا سألت الناس عنه قالوا: يا أخي، هذا رجل صعب، كأنه يقول لك لا تأتي إليّ، ولا تتعامل معي لمجرد هذا التجهم وترك التبسم .
ونحن نسأل: كم هو الجهد الذي تبذله، والتعب الذي تعانيه لكي تبتسم في وجه أخيك؟!
لا تكلفك الابتسامة مالاً تخرجه من جيبك، ولا وقتًا تضيعه من وقتك، ولا جهدًا ترهق به بدنك..
ابتسامة كما يقال: لا تكلف شيئًا، ومع ذلك بعض الناس يبخلون بها، فمن بخل بما لا خسران عليه فيه فهو أشد الناس بخلاً ولا شك، ولذلك يقول بعض الذين كتبوا في علم النفس والمعاملات الإنسانية: "إن الابتسامة لا تكلف شيئًا، ولكنها تعود بالخير الكثير، إنها تغني أولئك الذين يأخذون، ولا تفقر أولئك الذين يمنحون"؛ فإذا لم يكن عندك مال تعطيه فأعط من بشاشة وجهك، فهذا الذي ينبغي أن يكون من المسلم لأخيه المسلم.
* المفتاح الثاني : التحية والسلام
فبعد الابتسام يأتي السلام، والسلام في الأصل السلامة، فمعنى السلام: هو التأمين والإقرار بالسلام، فإذا قلت للإنسان: السلام عليكم، يعني اطمئن، فلن يأتيك شر فأنت في أمن وسلامة، ولا شك أن هذا معنى مهم، وله أثره الكبير في تآلف ومحبة القلوب.
والسلام تحية من الله، وسنة من سننه صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عمر: "إذا سلَّمت فأسمع-أي ارفع صوتك حتى تسمع غيرك- فإنَّها تحِيَّة من عند الله" رواه البخاري في الأدب المفرد. ولم يكن السلام معروفًا في الجاهلية، وإنما السلام جاء من شعائر الإسلام، وفيه الفضل والثواب العظيم، فأولى الناس عند الله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام) رواه أبو داود والترمذي وأحمد؛ فإذا كنت تريد أن تكون الأولى عند الله، والمقدّم؛ فلتكن البادئ لأهل الإسلام بالسلام.
ومن أعظم ما ورد في فضائل التحية والسلام: حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليهِ وسلم: (لا تدخلون الجنَّة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) رواه مسلم.. فالسلام يؤدي إلى المحبة، والمحبة هي من دلائل الإيمان، والإيمان هو مفتاح الجنة.
فهذه فضائل عظيمة تدلنا على الآثار النفسية، وعلى الآثار في الأجر والمثوبة، ولا شك أنك إذا تبسمت ثم سلمت؛ فإن ذلك كما قلنا يزيد من عقد المحبة، ويسهم بقوة في إزالة الجفوة، أو الصد والإعراض، كما أنه أيضًا يُسلم إلى ما بعده.. فمن سلم صافح، ومن صافح عانق، ومن عانق تحدث، ومن تحدث دعا فتفضل، ومن تفضل أكرم، وأضاف.. إلى غير ذلك مما تتسلسل به العلاقات التي تزيد المحبة والمودة، ومن ثم عرف الصحابة أثر هذه التحية فيما يتعلق بفتح القلوب وغسلها وتنظيفها، فقال عمر رضي الله عنه: "ثلاث يصفين لك ود أخيك: أن تسلّم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه".
والسلام كما قلنا مثل الابتسامة لا يكلف لا مال ولا تعب ولا جهد، سلّم وأكثِر من السلام حتى يشيع السلام .
* المفتاح الثالث : الزيارة والضيافة
والضيافة سيكون فيها طلاقة وجه، وسيكون فيها تحية وسلام، وسيكون فيها مصافحة ومعانقة، وكل ذلك مما ذكرنا من مفاتيح القلوب، فكأن الضيافة يجتمع بها كل ذلك.
* المفتاح الخامس : السماحة
والسماحة تشتمل على معنيين:
أولا: بذل ما لا يجب تفضلاً، وهو الجود والكرم .
ثانيًا: التسامح مع الغير في المعاملات.. يعني أن يكون سمحًا.
وإذا قيل: فلان سمح؛ فهذا يعني أنه ممن يُؤلف ويُحب، ويمكن أن تتعرف عليه بسهولة، وأن تتعامل معه من غير تكلف، وأن تطلب منه من غير حرج.. إلى آخر ذلك من الليونة والسهولة في المعاملة.
والسماحة أصلاً من تشريعات الإسلام؛ فإن الإسلام دين سمح قد قال الله عز وجل: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر).. وسماحة الإسلام ظاهرة في أمور كثيرة، وفي حديث ابن عباسٍ قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم أي الأديان أحبُّ إلى الله؟ قال: (الحنيفيَّة السمحة) رواه البخاري - تعليقاً- وأحمد .
والمقصود بالسمحة أي: التي لا ضيق فيها وشدة، وفيها يسر وسهولة، والسماحة ولين المعاملة وغض الطرف أمر مقدَّر له الأجر الكبير، وهو أيضًا مما يؤلف القلوب عليك ويجمعها حولك؛ فإن الإنسان بطبعه لابد أن يخطئ ولابد أن يقع بينه وبين أخيه بعض ما قد يكون سببًا للعتب واللوم، فإذا كان سمحًا يغض الطرف، ويغضي عن الزلل والهفوة، ويسارع إلى الصفح والعفو، فلا شك أن هذا مما يستديم المودة، ويبقي الألفة، وأما إذا كنت تدقق على كل غلط، فتحسب كل كلمة، وتتابع كل حركة، وتقف على كل سكنة، فلا شك أنك ستكون رجلاً صعبًا.. وهذا آخر ما يحتاجه الدعاة.
وهي خلق يحتاجه المرء في حياته كلها، ولها أبواب كثيرة.. في البيع والشراء، مع الأهل في البيت، الرجل مع زوجته.. فبعض الناس مثلا يريد أن يجعل البيت ثكنة عسكرية، تمشي بالأوامر، وتنضبط بالعقوبات، وتلتزم باللوائح، هذا لا يكون في حياة يومية فيها أخذ ورد، ورضا وغضب، وأنس وانقباض، لابد أن تكون هناك مرونة، وأن يكون الإنسان كما يقولون: سهلاً مرنًا، ولذلك نجد هذا المعنى في النداء القرآني: { يا أيُّها الذين آمنوا إنَّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإنَّ الله غفورٌ رحيمٌ }.
ومن أبوابها أيضا السماحة في المعاملات: وخاصة فيما يقع بين الناس من الأخذ والرد، وما قد يكون من التجهم أو الغضب، والله عز وجل قد قال: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا).. يعني: قالوا قولاً يسلمون فيه من الإثم، ولا يتمادون فيه مع من أخطأ، أو جهل، أو غضب؛ فهذا من السماحة، نوع من الصدق والعفو والصفح والإعراض عن الذنب، والتجاوز عنه، والصفح أعظم من العفو؛ لأن الصفح إزالة أثر الذنب من النفس، أما العفو فهو إسقاط العتب واللوم دون أن يرجع الحب ويبقى في النفس ما يبقى، فقد يعفو الإنسان ولا يصفح، أما إذا أصفح، فإنه قد عفى وأزال الآثار الباقية في النفس، وقد قال عز وجل : { فاصفح الصَّفح الجميل } .. وقد قالوا: السماح رباح؛ وهذا ما يبحث عنه كل الناس، فضلا عن الدعاة.
ومن أبواب السماحة ما يكون عند التمكن: ومن جميل ما يقال عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: "عليكم بالحلم والاحتمال حتى تمكنكم الفرصة، فإذا أمكنتكم فعليكم بالصفح وبالافضال".. ففي كلا الحالين أمر تألف به النفوس وتترابط به القلوب؛ وهذا من آثار السماحة والعفو، وهذا كما قلنا يدل على هذه المعاني التي نحن بصددها من تأليف القلوب وجمعها ومحبتها، ولا شك أن السماحة من هذه الأمور؛ لأن عوارض الحياة كثيرة في هذا الشأن.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتخلقين بهذه الصفات، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يفتح لنا قلوب الناس ويسوق لهم الهداية والخير على أيدينا.
ولا شك أن الابتسامة لها أثرها العظيم، والابتسامة التي نريدها هي ابتسامة المشاعر الصادقة، والمحبة الخالصة، وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يبين أثر الابتسامة وأهميتها، فقد قال صلى الله عليه وسلَّم: (تبسُّمُك في وجه أخيك لك صدقةٌ) رواه الترمذي، والابتسامة لها أثرها القلبي والنفسي في تقارب القلوب وتآلف النفوس؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في شأن النفوس: (لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ) رواه مسلم.. وطلق، أي متهلل بالابتسامة ودلائل الفرح والسرور، وهذا أيضًا يدل على أن هذه الابتسامة معروف يُبذل، وأن هذه الابتسامة ليست شيئًا هينًا، فهي من المعروف اليسير الذي له أثر بإذن الله كبير .
إعلانات روحية مبوَّبة:
- الإعلان الأول : هذه الابتسامة كأنها نوع من إعلان القبول والرضا بلقاء هذا الذي تبسمت في وجهه .
- الإعلان الثاني : هي إظهار للمحبة والمودة .
- الإعلان الثالث: هي دعوة للمزيد، فإنك إذا تبسمت في وجهه أقبل عليك وسلم وصافح، وعانق وكان ضيفًا عليك، أو دعوته للزيارة، لكن إذا رآك من أول الأمر عابس الوجه قال: الكتاب من عنوانه هذا؛ كأنك تقول له: لا تتقدم، ولا تأتي، ولا تتكلم، وليس لك عندنا مقام ولا رغبة، ولا أي وجه من وجوه الاستقبال، أو الإحسان.
ولذلك ترى دائمًا بعض الناس إذا كان من طبعه عدم التبسم ودوام التجهم أن الناس ينفرون منه، وقل أن تجد له صديقًا أو رفيقًا، فإذا سألت الناس عنه قالوا: يا أخي، هذا رجل صعب، كأنه يقول لك لا تأتي إليّ، ولا تتعامل معي لمجرد هذا التجهم وترك التبسم .
ونحن نسأل: كم هو الجهد الذي تبذله، والتعب الذي تعانيه لكي تبتسم في وجه أخيك؟!
لا تكلفك الابتسامة مالاً تخرجه من جيبك، ولا وقتًا تضيعه من وقتك، ولا جهدًا ترهق به بدنك..
ابتسامة كما يقال: لا تكلف شيئًا، ومع ذلك بعض الناس يبخلون بها، فمن بخل بما لا خسران عليه فيه فهو أشد الناس بخلاً ولا شك، ولذلك يقول بعض الذين كتبوا في علم النفس والمعاملات الإنسانية: "إن الابتسامة لا تكلف شيئًا، ولكنها تعود بالخير الكثير، إنها تغني أولئك الذين يأخذون، ولا تفقر أولئك الذين يمنحون"؛ فإذا لم يكن عندك مال تعطيه فأعط من بشاشة وجهك، فهذا الذي ينبغي أن يكون من المسلم لأخيه المسلم.
* المفتاح الثاني : التحية والسلام
فبعد الابتسام يأتي السلام، والسلام في الأصل السلامة، فمعنى السلام: هو التأمين والإقرار بالسلام، فإذا قلت للإنسان: السلام عليكم، يعني اطمئن، فلن يأتيك شر فأنت في أمن وسلامة، ولا شك أن هذا معنى مهم، وله أثره الكبير في تآلف ومحبة القلوب.
والسلام تحية من الله، وسنة من سننه صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عمر: "إذا سلَّمت فأسمع-أي ارفع صوتك حتى تسمع غيرك- فإنَّها تحِيَّة من عند الله" رواه البخاري في الأدب المفرد. ولم يكن السلام معروفًا في الجاهلية، وإنما السلام جاء من شعائر الإسلام، وفيه الفضل والثواب العظيم، فأولى الناس عند الله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام) رواه أبو داود والترمذي وأحمد؛ فإذا كنت تريد أن تكون الأولى عند الله، والمقدّم؛ فلتكن البادئ لأهل الإسلام بالسلام.
ومن أعظم ما ورد في فضائل التحية والسلام: حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليهِ وسلم: (لا تدخلون الجنَّة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) رواه مسلم.. فالسلام يؤدي إلى المحبة، والمحبة هي من دلائل الإيمان، والإيمان هو مفتاح الجنة.
فهذه فضائل عظيمة تدلنا على الآثار النفسية، وعلى الآثار في الأجر والمثوبة، ولا شك أنك إذا تبسمت ثم سلمت؛ فإن ذلك كما قلنا يزيد من عقد المحبة، ويسهم بقوة في إزالة الجفوة، أو الصد والإعراض، كما أنه أيضًا يُسلم إلى ما بعده.. فمن سلم صافح، ومن صافح عانق، ومن عانق تحدث، ومن تحدث دعا فتفضل، ومن تفضل أكرم، وأضاف.. إلى غير ذلك مما تتسلسل به العلاقات التي تزيد المحبة والمودة، ومن ثم عرف الصحابة أثر هذه التحية فيما يتعلق بفتح القلوب وغسلها وتنظيفها، فقال عمر رضي الله عنه: "ثلاث يصفين لك ود أخيك: أن تسلّم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه".
والسلام كما قلنا مثل الابتسامة لا يكلف لا مال ولا تعب ولا جهد، سلّم وأكثِر من السلام حتى يشيع السلام .
* المفتاح الثالث : الزيارة والضيافة
والضيافة سيكون فيها طلاقة وجه، وسيكون فيها تحية وسلام، وسيكون فيها مصافحة ومعانقة، وكل ذلك مما ذكرنا من مفاتيح القلوب، فكأن الضيافة يجتمع بها كل ذلك.
* المفتاح الخامس : السماحة
والسماحة تشتمل على معنيين:
أولا: بذل ما لا يجب تفضلاً، وهو الجود والكرم .
ثانيًا: التسامح مع الغير في المعاملات.. يعني أن يكون سمحًا.
وإذا قيل: فلان سمح؛ فهذا يعني أنه ممن يُؤلف ويُحب، ويمكن أن تتعرف عليه بسهولة، وأن تتعامل معه من غير تكلف، وأن تطلب منه من غير حرج.. إلى آخر ذلك من الليونة والسهولة في المعاملة.
والسماحة أصلاً من تشريعات الإسلام؛ فإن الإسلام دين سمح قد قال الله عز وجل: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر).. وسماحة الإسلام ظاهرة في أمور كثيرة، وفي حديث ابن عباسٍ قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم أي الأديان أحبُّ إلى الله؟ قال: (الحنيفيَّة السمحة) رواه البخاري - تعليقاً- وأحمد .
والمقصود بالسمحة أي: التي لا ضيق فيها وشدة، وفيها يسر وسهولة، والسماحة ولين المعاملة وغض الطرف أمر مقدَّر له الأجر الكبير، وهو أيضًا مما يؤلف القلوب عليك ويجمعها حولك؛ فإن الإنسان بطبعه لابد أن يخطئ ولابد أن يقع بينه وبين أخيه بعض ما قد يكون سببًا للعتب واللوم، فإذا كان سمحًا يغض الطرف، ويغضي عن الزلل والهفوة، ويسارع إلى الصفح والعفو، فلا شك أن هذا مما يستديم المودة، ويبقي الألفة، وأما إذا كنت تدقق على كل غلط، فتحسب كل كلمة، وتتابع كل حركة، وتقف على كل سكنة، فلا شك أنك ستكون رجلاً صعبًا.. وهذا آخر ما يحتاجه الدعاة.
وهي خلق يحتاجه المرء في حياته كلها، ولها أبواب كثيرة.. في البيع والشراء، مع الأهل في البيت، الرجل مع زوجته.. فبعض الناس مثلا يريد أن يجعل البيت ثكنة عسكرية، تمشي بالأوامر، وتنضبط بالعقوبات، وتلتزم باللوائح، هذا لا يكون في حياة يومية فيها أخذ ورد، ورضا وغضب، وأنس وانقباض، لابد أن تكون هناك مرونة، وأن يكون الإنسان كما يقولون: سهلاً مرنًا، ولذلك نجد هذا المعنى في النداء القرآني: { يا أيُّها الذين آمنوا إنَّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإنَّ الله غفورٌ رحيمٌ }.
ومن أبوابها أيضا السماحة في المعاملات: وخاصة فيما يقع بين الناس من الأخذ والرد، وما قد يكون من التجهم أو الغضب، والله عز وجل قد قال: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا).. يعني: قالوا قولاً يسلمون فيه من الإثم، ولا يتمادون فيه مع من أخطأ، أو جهل، أو غضب؛ فهذا من السماحة، نوع من الصدق والعفو والصفح والإعراض عن الذنب، والتجاوز عنه، والصفح أعظم من العفو؛ لأن الصفح إزالة أثر الذنب من النفس، أما العفو فهو إسقاط العتب واللوم دون أن يرجع الحب ويبقى في النفس ما يبقى، فقد يعفو الإنسان ولا يصفح، أما إذا أصفح، فإنه قد عفى وأزال الآثار الباقية في النفس، وقد قال عز وجل : { فاصفح الصَّفح الجميل } .. وقد قالوا: السماح رباح؛ وهذا ما يبحث عنه كل الناس، فضلا عن الدعاة.
ومن أبواب السماحة ما يكون عند التمكن: ومن جميل ما يقال عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: "عليكم بالحلم والاحتمال حتى تمكنكم الفرصة، فإذا أمكنتكم فعليكم بالصفح وبالافضال".. ففي كلا الحالين أمر تألف به النفوس وتترابط به القلوب؛ وهذا من آثار السماحة والعفو، وهذا كما قلنا يدل على هذه المعاني التي نحن بصددها من تأليف القلوب وجمعها ومحبتها، ولا شك أن السماحة من هذه الأمور؛ لأن عوارض الحياة كثيرة في هذا الشأن.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتخلقين بهذه الصفات، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يفتح لنا قلوب الناس ويسوق لهم الهداية والخير على أيدينا.
أبا أسامة- عدد المساهمات : 2
تاريخ التسجيل : 04/10/2011
مواضيع مماثلة
» كسب القلوب
» ربيع القلوب
» ثلاث كلمات تهز القلوب
» وسائل تطهير القلوب للمؤمنين
» ما أقسى بعض القلوب حقيقة مؤثرة عليها شواهدها
» ربيع القلوب
» ثلاث كلمات تهز القلوب
» وسائل تطهير القلوب للمؤمنين
» ما أقسى بعض القلوب حقيقة مؤثرة عليها شواهدها
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 10 فبراير - 4:31 من طرف م.خديجة
» مناسك الحج
الثلاثاء 14 أكتوبر - 22:20 من طرف م.خديجة
» فضل عشر ذي الحجة
الثلاثاء 14 أكتوبر - 22:13 من طرف م.خديجة
» ربيع القلوب
الثلاثاء 14 أكتوبر - 22:06 من طرف م.خديجة
» اعلان فتح التسجيل
الثلاثاء 26 أغسطس - 13:44 من طرف معهد اعداد المعلمات
» أنشطة مدرسة خديجة لشهر جمادي أول
السبت 12 أبريل - 22:33 من طرف م.خديجة
» أنشطة مدرسة خديجة لشهر ربيع ثاني
السبت 12 أبريل - 21:47 من طرف م.خديجة
» مسابقة الحفظ العاشرة لجمعية تحفيظ القرآن الكريم
الجمعة 21 مارس - 16:13 من طرف قسم الإشراف النسائي
» تغطية فعاليات السوق الخيري للمعهد
الأربعاء 12 مارس - 3:48 من طرف معهد اعداد المعلمات
» خـــــــــــــــاص لمعلمات الدور النسائية
الإثنين 3 مارس - 3:29 من طرف قسم الإشراف النسائي
» هـــــــــــــــــــام جــــداً
الخميس 27 فبراير - 0:59 من طرف قسم الإشراف النسائي
» مسابقة أجمل خاطرة
الثلاثاء 18 فبراير - 20:42 من طرف قسم الإشراف النسائي
» مسابقة كتاب (فتاوى علماء البلد الحرام )
الثلاثاء 18 فبراير - 20:18 من طرف قسم الإشراف النسائي
» برنامج مساعدة معلمة
الثلاثاء 18 فبراير - 20:01 من طرف قسم الإشراف النسائي
» الخطة التفصيلية لبرنامج النشاط مفرغة
السبت 15 فبراير - 20:25 من طرف وهج القلم
» اعلان بدء التسجيل للدفعة الجديدة في المعهد
السبت 1 فبراير - 4:01 من طرف معهد اعداد المعلمات
» انتــــقاد
الجمعة 13 ديسمبر - 0:49 من طرف عليان قلب الاسد
» نجـــمة الحجاب ((تصويتكم اذا ممكن :)
الثلاثاء 10 ديسمبر - 18:04 من طرف عليان قلب الاسد
» تــعــمـيـــم
الإثنين 9 ديسمبر - 14:33 من طرف عليان قلب الاسد
» مناصب !!!
الأربعاء 4 ديسمبر - 12:27 من طرف عليان قلب الاسد
» شوكو خير
الأحد 1 ديسمبر - 6:34 من طرف اللؤلؤه المكنونه
» حملة حجابي سر سعادتي
الأحد 1 ديسمبر - 6:25 من طرف اللؤلؤه المكنونه
» كلنا جسد واحد
السبت 30 نوفمبر - 18:06 من طرف اللؤلؤه المكنونه
» معايير الجودة للمدارس النسائية للعام الحالي
الإثنين 25 نوفمبر - 8:30 من طرف أوتآإأر الحرف
» حملة (( فضل عشر ذي الحجه ))
الإثنين 25 نوفمبر - 1:27 من طرف دار فاطمه
» حفل استقبال الطالبات للعام الدراسي الجديد
الإثنين 25 نوفمبر - 0:08 من طرف دار فاطمه
» الزيارات الميدانية للدور النسائية
الأحد 24 نوفمبر - 16:53 من طرف قسم الإشراف النسائي
» أنشطة مدرسة خديجة
السبت 23 نوفمبر - 23:50 من طرف م.خديجة
» اعلان توظيف
الثلاثاء 29 أكتوبر - 18:06 من طرف معهد اعداد المعلمات
» خاص لمعلمات الدور النسائية
الخميس 10 أكتوبر - 5:20 من طرف قسم الإشراف النسائي